{وَمَا هذه الحياة الدنيا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ} أي وما هي لسرعة زوالها عن أهلها وموتهم عنها إلا كما يلعب الصبيان ساعة ثم يتفرقون، وفيه ازدراء بالدنيا وتصغير لأمرها وكيف لا يصغرها وهي لاتزن عنده جناح بعوضة! واللهو ما يتلذذ به الإنسان فيلهيه ساعة ثم ينقضي {وَإِنَّ الدار الآخرة لَهِىَ الحيوان} أي الحياة أي ليس فيها إلا حياة مستمرة دائمة لا موت فيها فكأنها في ذاتها حياة. والحيوان مصدر حي وقياسه حييان فقلبت الياء الثانية واواً ولم يقل (لهي الحياة) لما في بناء فعلان من معنى الحركة والاضطراب، والحياة حركة والموت سكون، فمجيئه على بناء دال على معنى الحركة مبالغة في معنى الحياة، ويوقف على {الحيوان} لأن التقدير {لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} حقيقة الدارين لما اختاروا اللهو الفاني على الحيوان الباقي، ولو وصل لصار وصف الحيوان معلقاً بشرط علمهم ذلك وليس كذلك.{فَإِذَا رَكِبُواْ فِى الفلك} هو متصل بمحذوف دل عليه ما وصفهم به وشرح من أمرهم معناه: هم على ما وصفوا به من الشرك والعناد فإذا ركبوا في الفلك {دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} كائنين في صورة من يخلص الدين لله من المؤمنين حيث لا يذكرون إلا الله ولا يدعون معه إلاهاً آخر {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر} وأمنوا {إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} عادوا إلى حال الشرك {لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتيناهم} من النعمة. قيل: هي لام كي وكذا في {وَلِيَتَمَتَّعُواْ} فيمن قرأها بالكسر أي لكي يكفروا وكي يتمتعوا، والمعنى يعودون إلى شركهم ليكونوا بالعود إلى شركهم كافرين بنعمة النجاة قاصدين التمتيع بها والتلذذ لا غير على خلاف عادة المؤمنين المخلصين على الحقيقة فإنهم يشكرون نعمة الله إذا أنجاهم، ويجعلون نعمة النجاة ذريعة إلى ازدياد الطاعة لا إلى التلذذ والتمتع، وعلى هذا لا وقف على {يشركون}. ومن جعله لام الأمر متثبتاً بقراءة ابن كثير وحمزة وعلي {وليتمتعوا} بسكون اللام على وجه التهديد كقوله: {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] وتحقيقه في أصول الفقه يقف عليه {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} سوء تدبيرهم عند تدميرهم.